أحد التعليقات التي قرأتها ورأيت أن أضعها بين أيديكم لكي نكون في صورة المعاناة التي تعيشها المرأة في بلادنا اجتماعياً وهو ما يمثل أحد العوائق الكبيرة في طريق الارتقاء والنهوض بواقعنا جراء السلوكيات الخاطئة التي ينبغي علينا أن نعمل جاهدين على معالجتها والتخلص منها ولنقرأ التعليق كما هو بدون أي تغيير كما ورد في موقع جريدة "الوقت" على المقال الأسبوعي الأخير:
"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخي الجليل أعجبني مقالك ولكن لي تفريعة جديدة مشابهة في نظري للموضوع أتمنى أن تنال على موافقتك الكريمة شيخي الكريم وإذا الموءودة سئلت.
ألا ترى اليوم وأد البنات بطريقة جديدة وأقصد باختصار خطبة البنات البريئات لفترة وجيزة وتركهن دون سبب ما تعانيه من هضم وخوف وضياع للمستقبل بسبب نزوة شيخ أو رجل أو شاب وتقع تحت مسمى مطلقة من يحامي عنها ويربيها ويعيد إليها ثقتها بنفسها من شيخي الكريم الذي سيدافع عنها ويقف بجانبها في المستقبل قد يكون عقدها يوم أو شهر أو سنة وبعدها يضيع عمرها تحت هذه النزوة البسيطة قد تحافظ على نفسها وقد تبحث عن بديل لم تشبع منه أليس هذا الموضوع جدير بالطرح شاكرة لك قلبك الكبير. أم حسين".
والتعليق الذي كتبته الأخت الكريمة يعبر عن نفسه وهو يعبر عن معاناة من يقع تحت هذه التصرفات التي تنم عن جهل كبير وعن "وأد" للمرأة بصور أخرى يقوم به البعض بدون أي شعور بالذنب أو التقصير وهو ما يمثل استخفافاً بالقيم والأخلاق.
ولأننا في شهر رمضان المبارك وهو شهر الرحمة والبركة والمغفرة كما يقول رسول الله
فإننا بحاجة إلى وقفة للتأمل في سلوكنا وعلاقاتنا ونظرتنا للآخر ولذلك ذكر القرآن بهذه الحقيقة حيث يقول ربنا عز وجل: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم من ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" (الحجرات، 3)، وتشير الآية بوضوح شديد إلى ضرورة الاعتراف بحق الآخر من دون أي استعلاء أو استغلال أو تفضيل إلا من خلال منظومة الأخلاق المحصنة بالتقوى والخوف من الله عز وجل والخشية من تجاوز حدوده وأشدها ظلم الآخرين والتطاول عليهم.
إن أحد عوامل التخلف الكبيرة في مجتمعاتنا هي عدم القدرة على تحكيم الأخلاق في سلوكنا السياسي والاجتماعي ويتمثل ذلك في عدم شعورنا بالحاجة إلى الآخرين حين الشعور بالقوة وهذا ما يظهر في التعاطي مع المرأة من خلال استضعافها واعتبارها عند البعض وكأنها مجرد أداة إما للمتعة أو التسلية أو الخدمة وهو ما يمثل مأساة كبيرة في فهم النصف الآخر الذي يشكل مجتمعاتنا ويزيد عن النصف في بعض الأحيان عددياً، وكم يتناسى الكثيرون الدور الذي تلعبه المرأة في حياتنا فهي الأم والزوجة والحبيبة والمربية والمضحية والشريكة التي تتقاسم حلو الحياة ومرها مع الزوج ومع ذلك تبقى الجندي المجهول عادة وكما يقولون "وراء كل رجل عظيم امرأة".
إن القضية تكمن في نقص الثقافة الواعية التي تنعكس سلوكاً أخلاقياً رفيعاً تجاه المرأة وليس فقط مجرد شعارات ونظريات وهو ما تعانيه مجتمعاتنا حتى من تدعي بالمطالبة بحقوق المرأة.
ولأن الموضوع عن المرأة لا يمكن اختزاله من خلال مقال إلا أنني أود أن تكون الإثارة في تعليق الأخت الكريمة (أم حسين) إشارة كافية إلى إعادة النظر في سلوكنا ونظرتنا في التعامل مع المرأة وقد جاء في الحديث الشريف "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي، ما أكرم النساء إلا كريم، و لا أهانهن إلا لئيم".
والله من وراء القصد.